أزمة فريق شباب الدريوش ودور أصحاب القرار

أزمة فريق شباب الدريوش ودور أصحاب القرار



بقلم : مصطفي الحمداوي

يبدو الأمر وكأنه ملهاة عبثية لمسرحية سخيفة أبطالها المجلس البلدي المتمثل في كل أعضائه والعمالة في شخص العامل نفسه وكذلك المجلس الإقليمي بكل مكوناته . شباب الدريوش يحتضر أمام أعين كل الجماهير العريضة التي طالما احتضنت هذا الفريق الرائع بكل الحب والمساندة ، لكنه اليوم يجد نفسه وسط دوامة من اللامبالاة غير المفهومة ولا يمكن أبدا تفسيرها وتفسير دوافعها الغامضة .

لنكن صرحاء ، ولنحمل المسؤولية لكل من ينبغي أن يتحملها ، فريق شباب الدريوش يمثل بالأساس مدينة الدريوش ، بل أكثر من ذلك فهو يمثل عمالة ناشئة غير معروفة على الصعيد الوطني . وحين يلعب الفريق ضد فرق مدن أخرى فهو يقدم مدينتنا بطريقة متميزة ، مدينة تتوفر على حس رياضي ونشاط حيوي في هذا المجال ، لذلك من العبث الاعتقاد أن ممارسة لعبة كرة القدم يقتصر دورها فقط على الجانب الترفيهي فقط .

من هنا ينبغي للمسؤولين في الدريوش أن يتحلوا بقدر كافي من الوعي بحقيقة الدور المنوط بهم ، لم ينتخب المجلس البلدي لأجل عقد دورات نمطية تعيد تكرار ذاتها لأجل لا شيء ، لماذا لا يناقش موضوع بالغ الأهمية كموضوع مستقبل ودعم الفريق الأول في المدينة ؟ لماذا لم يحرك مندوب وزارة الشباب والرياضة ساكنا وهو يرى هذا الوضع الشاذ الذي يعيشه الفريق ؟ ثم أين هو دور الجمعيات والمجتمع المدني ؟ لم نر تحركا من هذا الطرف الأخير ليضغط بما يملكه من قوة لتحريك الشارع من أجل إعادة الاعتبار لشباب الدريوش .

لقد حقق فريق الشباب إنجازات رائعة طيلة مشواره الكروي ، ولطالما أدخل الفرحة لقلوب كل الجماهير المحبة التي لم تبخل من أجل دعم الفريق بكل السبل . من وجهة نظري الإشكال يمكن اختصاره في نقاط بسيطة ، أولها جهل بعض الجهات النافذة في المجلس البلدي بالدور الذي يمكن أن يلعبه فريق الشباب لأجل التعريف بمدينة الدريوش أولا وبالعمالة برمتها ثانيا ، كما أن هذه الجهات المذكورة لا تعي أيضا حتى دورها السياسي داخل قاعة البلدية ، وبالتالي فاقد الشيء لا يعطيه .

غير أن أكثر ما يمكن أن يلفت الانتباه في هذه النازلة ، ليس فقط تجاهل الجهات المعنية بتسيير كل الشؤون المتعلقة بالشأن العام المحلي على مختلف أشكاله وأنواعه ، ولكن أيضا الأفظع من كل هذا الصمت المطبق من قبل الجمعيات التي صمت آذانها عن هذه القضية وكأنها غير معنية تماما بأحد أهم شرايين العمل الجمعوي الذي ينبغي أن تشتغل عليه . سؤال يبقى عالقا بكل الحيرة والأسف الشديد الذي يكتنفه ، إن طريقة جمع التبرعات بواسطة ( الصينية ) كما كان عليه الحال سابقا قد ولت ولم يعد لها مكان في زمن التسيير الاحترافي الذي يوفر للفريق مداخيل مستقرة ودائمة . لذلك من المؤسف أن لا نرى الجمعيات التي تنشط داخل الدريوش لا تمارس أي ضغط على السلطات المحلية من أجل تقديم الدعم الكامل لأحد أهم رموز المدينة التي لا شيء فيها يدل على كونها عاصمة للإقليم باستثناء هذا الفريق الذي نراه يحتضر أمام أعين الكل ، والكل ينظر غير عابئ بما يحدث .

لهذا أقول من وجهة نظري أن الجمعيات والشخصيات ذات التاريخ الرياضي في المدينة ، هؤلاء الذين أسسوا لتقاليد كرة القدم في الدريوش عليهم التحرك لأجل حث الجهات المعنية بمنح الدعم للفريق لاتمام مشواره في البطولة ولتأدية واجبه تجاه مدينة الدريوش التي كنا لأمد قريب نفتخر أن بها فريقا ينافس فرقا عريقة في المغرب ولها تاريخ متجذر في كرة القدم كنهضة بركان ووداد فاس وهلال الناظور والاتحاد الإسلامي الوجدي وهي كلها فرق نشطت ضمن القسم الأول المغربي سابقا أو حاليا كما هو الشأن بالنسبة لوداد فاس .

وأخيرا أتساءل لماذا استطاع كل من فريقي اتحاد الدريوش والوفاء الرياضي للدريوش الحفاظ على كل مكتسباتهم السابقة وضمان مكاتب مستقرة لديها القدرة لتسيير الفريق بطريقة جد رائعة ؟ بينما فريق شباب الدريوش ، الفريق الأول في المدينة لم يستطع أن ينتخب مكتبا بقدرات تسييرية قادرة على قيادة فريق ينشط بشكل قوي في دوري الهواة الدرجة الرابعة . أين يقع الخلل ؟ هل يمكن أن نعزي الأمر لعدم وجود كفاءات من هذا الطراز بالمدينة ؟ هل خلت مدينة الدريوش من الأطر ذات الكفاءة التي تخولها تسيير فريق بحجم فريق شباب الدريوش ؟ لا أعتقد . ولكنني متأكد بأن الجمعيات التي تنشط في الدريوش ، هذه الجمعيات التي لم تستطع فعل أي شيء لتحريك الرأي العام وتشكيل قوة ضغط على البلدية وعلى العمالة وعلى المجلس البلدي ، هي جمعيات غير مؤهلة بعد لتشكيل الوعي السياسي وبلورة رأي عام محلي داخل المدينة .

أصرح بهذا الكلام وأنا أدرك أن هناك أطرافا لن تستسيغه ، بل سيقول البعض وماذا قدمت أنت ؟ هذا هو الجواب المعتاد في مثل هاته الحالات . يجب فقط أن أذكر في الختام بملاحظة جد خطيرة ، قبل مدة قصيرة نشر موقع ناظور سيتي ، وربما أيضا الدريوش سيتي روبورتاجا حول اعتصام وإضراب شامل في بلدية ميظار المجاورة ، الملفت في هذا الإضراب الذي أغلقت فيه كل المحلات والمجالات الحيوية في المدينة هو التجمع والمطالب التي قدمتها مختلف الشرائح التي تمثل الطيف الجمعوي بميظار ، ومن بين النقاط التي ركز عليها المتدخلون ، نقطة تتعلق بفتح مستشفى إقليمي ببلدية ميظار !!!! طبعا هي مطالب استباقية الهدف منها ليس الاستحواذ على الكعكة كاملة ولكن نصفها على الأقل .
ملاحظة أخرى تتعلق بمقال نشرته الدريوش سيتي لإحدى الناشطات في المجال الجمعوي وهي أيضا من بلدية ميظار ، مقال قالت عنه أنه لبلورة رأي عام حول أرضية مطلبية تهم ليس فقط عمالة الدريوش ، بل المغرب كله ، وقد ذهب خيال السيدة الطاهري الأسروتي مليكة هي أيضا أن تطالب بمستشفى إقليمي بميظار وعدة منشآت كثيرة ومتعددة تخص منطقة بني توزين بالخصوص ، بينما تجاهلت عاصمة الإقليم الدريوش تجاهلا كليا تقريبا . من كل هذا أحاول التنبيه إلى المؤامرات التي تحاك في الخفاء لأجل خطف المكتسبات التي نتوفر عليها حتى الآن وهي زهيدة على كل حال . حتى مصير المقر النهائي لنيابة التعليم يظل مجهولا ويجب مواصلة النضال لكي لا نفرط في مصلحة هامة وحيوية هي حق لعاصمة الإقليم وأي مس بمكان إقامة هذا المقر يعد إعلان حرب على مدينة لم تأخذ من العمالة إلا الاسم ، وبهذه المناسبة أحيي السيد الأستاذ محمد بوكو الذي ناضل بقوة وبكل شراسة لأجل إلغاء تحويل النيابة الى ميظار ، ويبدو أنه نجح على الأقل مؤقتا لتجميد القرار المجحف بحق مدينة الدريوش .

اننا في حاجة لأشخاص بحجم الأستاذ بوكو ومروان وبوجمعة جعادة ، ورجالات الدريوش أصحاب الصيت في المجال الكروي على غرار الخضير والحاج المختار ولوكيلي حفيظ وباقي الفعاليات الجمعوية والمجتمع المدني من أجل الدفاع عن مصالح مدينة الدريوش ، خصوصا فريق الشباب الرياضي الذي يعاني الأمرين في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه . اننا نحتاجهم لأنهم الجهات التي يعول عليها في هذه المدينة لاعادة الروح الى الفريق ، نحتاج اليوم ليس الى إصدار زفرات التأسف والحسرة ، بل الى فعل يتجسد على أرض الواقع ، ينبغي مواجهة المجلس البلدي وطلب عقد اجتماع طارئ بمعية مندوب وزارة الشباب والرياضة وعامل الإقليم أيضا لوضع حد لهذا المشكل البسيط في جوره ، لأنه يحتاج فقط الى تكاثف الجهود والكثير من الغيرة على مدينتنا التي نحبها جميعا الدريوش .

على الأقل ينبغي هذا الموسم مواصلة اللعب ضمن بطولة الهواة والمحافظة على موقع شباب الدريوش فيها ، بعد ذلك لا محيد عن مزيد من الطموح لبناء فريق لا يتعلق أساسه فقط بلاعبيه المهرة وحدهم ، بل بالكادر التسييري الذي أشدد بكل قوة على أن مثل هذا الكادر ينبغي أن يتحلى بعدة خصال لا بد من توفرها لأجل إنجاح مسيرة الفريق . ليس المال وحده من يصنع النجاح ، ولكن الى جانب ذلك هناك العقول النيرة ذات الصلة المباشرة بالميدان ، لا يكفي سمعة شخص في أي مجال من المجالات لتؤهله ليقود مكتبا مسيرا ناجحا ، كما أن الأمر لا يتعلق بشخص الرئيس لوحده ، بل كل الطاقم المكون للمكتب المتعارف عليه في الأدبيات الرياضية أن يكون متجانسا أولا ، وثانيا احترام التخصصات . لا بد لأمين المال أن يكون على دراية تامة بأمور التدبير المالي ، وكذلك الشأن بباقي أعضاء المكتب .

إذا احترمت هذه الخاصيات في تشكيل مكتب منسجم وقوي ، فلا خوف على فريق شباب الدريوش مستقبلا ، لكن قبل ذلك على أصحاب الضمائر الحية ، والمسؤولين المحليين بالدرجة الأولى تحمل المسؤوليات بكل الشجاعة التي تقتضيها الضرورة . وهنا لا يمكن استثناء أي طرف .
أعود لأقول العمالة عليها تحمل جزء من المسؤولية في المهزلة التي يعانيها الفريق ، المجلس الإقليمي عليه أيضا تحمل جزء من المسؤولية في المهزلة ، مندوبية وزارة الشباب والرياضة عليها تحمل جزء من المسؤولية في المهزلة ، البلدية عليها تحمل جزء من المسؤولية في المهزلة . وأخيرا أيضا حتى أكون صريحا ومنصفا ، الجمعيات عليها مسؤولية عمل كان ينبغي أن تشتغل عليه ، لكنها نفضت منه يديها ، على الأقل هذه هي الأصداء التي تصلني .